كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فصل: وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَا بِامْرَأَةٍ، فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَا بِهَا فِي الزَّاوِيَةِ الْيُمْنَى مِنْ هَذَا الْبَيْتِ، وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَا بِهَا فِي الزَّاوِيَةِ الْيُسْرَى مِنْهُ، لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَحَدُهُمَا اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا. وَكَذَلِكَ لَوِ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ الْأَرْبَعَةُ فِي الزَّوَايَا الْأَرْبَعِ حَدَّهُمُ اسْتِحْسَانًا. وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الزَّوَايَا: احْتِجَاجًا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهَا عَلَى الصِّحَّةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْفَسَادِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَزْحَفَ الزَّانِيَانِ مِنْ زَاوِيَةٍ إِلَى أُخْرَى فَيَكُونَا فِي أَوَّلِ الْفِعْلِ فِي زَاوِيَةٍ فَيَرَاهُمَا شَاهِدَانِ، وَفِي آخِرِ الْفِعْلِ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى فَيَرَاهُمَا فِيهَا شَاهِدَانِ، وَيَكُونُ الزِّنَا وَاحِدًا. وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ الزِّنَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ، فَلَمَّا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الزَّمَانِ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَا بِهَا وَقْتَ الظُّهْرِ، وَيَشْهَدُ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَا بِهَا وَقْتَ الْعَصْرِ. وَإِنِ احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْفِعْلِ فِي الظُّهْرِ وَآخِرُهُ فِي الْعَصْرِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَكَانِ بِمَثَابَتِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ حُكِمَ اخْتِلَافُهُ عَلَى أَوَّلِ الْفِعْلِ وَآخِرِهِ، وَالْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ فِي أَحَدِ الْمَكَانَيْنِ غَيْرُ الْفِعْلِ فِي الْمَكَانِ الْآخَرِ، وَفِيهِ انْفِصَالٌ.
مسألة: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الزِّنَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا اسْتَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا حَتَّى زَنَا بِهَا، وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ دُونَهَا، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: لِرِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً اسْتُكْرِهَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهَا، وَحَدَّ الزَّانِي بِهَا. فَأَمَّا الْمَهْرُ فَمُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ عَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا مَهْرَ عَلَيْهِ: احْتِجَاجًا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، رَوَاهُ بِالتَّسْكِينِ، وَالْبَغْيُ الزِّنَا، وَهَذَا زِنًا. قَالَ: وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ وَجَبَ بِهِ الْحَدُّ عَلَى الْوَاطِئِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ الْمَهْرُ كَالْمُطَاوَعَةِ. قَالَ: وَلِأَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ مَعَ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، وَالْمَهْرُ يَجِبُ مَعَ وُجُودِ الشُّبْهَةِ، فَامْتَنَعَ اجْتِمَاعُهُمَا. وَدَلِيلُنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَهَذَا مُسْتَحِلٌّ لِفَرْجِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ مَهْرُهَا. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ. قِيلَ: كُلُّ مَا ضُمِنَ بِالْبَدَلِ مِنَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ضُمِنَ بِالْغَصْبِ وَالْإِكْرَاهِ كَالْأَمْوَالِ: لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ، فَإِذَا سَقَطَ بِهِ الْحَدُّ عَنِ الْمَوْطُوءَةِ وَجَبَ بِهِ الْمَهْرُ عَلَى الْوَاطِئِ، كَالْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ الْمَهْرُ لِلْمَوْطُوءَةِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَانَ وُجُوبُهُ لِلْمُسْتَكْرَهَةِ أَوْلَى مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَعَ عِلْمِهَا عَاصِيَةٌ، وَالْمُسْتَكْرَهَةَ غَيْرُ عَاصِيَةٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مُمَكِّنَةٌ، وَالْمُسْتَكْرِهَةَ غَيْرُ مُمَكِّنَةٍ. فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ نَهْيِهِ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ: فَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الْبَغِيُّ بِالتَّشْدِيدِ، يَعْنِي الزَّانِيَةَ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الزَّانِيَةَ. وَلَا دَلِيلَ أَيْضًا لِمَنْ رَوَى بِالتَّحْفِيفِ- يَعْنَى الزِّنَا-: لِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ زِنًا فِي حَقِّ مَنْ حُدَّ، وَلَيْسَ زِنًا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُحَدَّ. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْمُطَاوَعَةِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهَا. وَأَمَّا اسْتِحَالَةُ وُجُوبِ الشُّبْهَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ: فَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ، وَلَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ، كَمَا لَمْ يَسْتَحِلَّ أَنْ يَجِبَ الْحَدُّ عَلَى الْوَاطِئِ وَيَسْقُطَ الْحَدُّ عَنِ الْمَوْطُوءَةِ. وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْحَدُّ، وَالْمَهْرُ، وَالنَّسَبُ. وَأَمَّا النَّسَبُ: فَيُعْتَبَرُ بِهِ شُبْهَةُ الْوَاطِئِ دُونَ الْمَوْطُوءَةِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ. وَأَمَّا الْمَهْرُ: فَيُعْتَبَرُ بِهِ شُبْهَةُ الْمَوْطُوءَةِ دُونَ الْوَاطِئِ، فَإِنْ كَانَ لَهَا شُبْهَةٌ وَجَبَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شُبْهَةٌ لَمْ يَجِبْ. وَأَمَّا الْحَدُّ فَيُعْتَبَرُ بِهِ شُبْهَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمَا شُبْهَةٌ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شُبْهَةٌ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا شُبْهَةٌ دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ عَلَى مَنِ انْتَفَتْ عَنْهُ الشُّبْهَةُ، وَسَقَطَ عَمَّنْ لَحِقَتْ بِهِ الشُّبْهَةُ.
فصل: فَأَمَّا الرَّجُلُ إِذَا أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ. وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ: لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الِانْتِشَارِ الْحَادِثِ عَنِ الشَّهْوَةِ، وَحُدُوثُ الشَّهْوَةِ يَكُونُ عَنِ الِاخْتِيَارِ دُونَ الْإِكْرَاهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانَ عَلَى الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَكْرَهْهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ حُدَّ: اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ إِكْرَاهَ السُّلْطَانِ فِسْقٌ يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الْإِمَامَةِ فَيَصِيرُ الْوَقْتُ خَالِيًا مِنْ إِمَامٍ كَزَمَانِ الْفَتْرَةِ، وَيَصِيرُ عِنْدَهُ كَدَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا يَجِبُ عَلَى الزَّانِي فِيهَا حَدٌّ عِنْدِهِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ فَاسِدٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِمْ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَالْإِكْرَاهُ مِنْ أَعْظَمِ الشُّبَهَاتِ: وَلِأَنَّهُ إِكْرَاهٌ عَلَى الزِّنَا فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِهِ الْحَدُّ كَإِكْرَاهِ الْمَرْأَةِ: وَلِأَنَّ كُلَّ مَا سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ أَوْ أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ، سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ إِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، كَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ. فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِحُدُوثِ الِانْتِشَارِ عَنِ الشَّهْوَةِ فَهُوَ أَنَّ الشَّهْوَةَ مَرْكُوزَةٌ فِي الطِّبَاعِ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ دَفْعُ النَّفْسِ عَنِ الِانْقِيَادِ لَهَا لِدَيْنٍ أَوْ تَقِيَةٍ، فَصَارَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْفِعْلِ لَا عَلَى الشَّهْوَةِ، وَالْحَدُّ إِنَّمَا يَجِبُ فِي الْفِعْلِ دُونَ الشَّهْوَةِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ أَبِي حَنِيفَةَ بِخُلُوِّ الدَّارِ مِنَ الْإِمَامِ لِخُرُوجِهِ بِالْفِسْقِ مِنَ الْإِمَامَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ السُّلْطَانُ الْمُكْرِهُ غَيْرُ إِمَامٍ، فَلَا تَخْلُو الدَّارُ مِنْ إِمَامٍ، وَأَنْتَ تُسَوِّي بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ خُلُوَّ الدَّارِ مِنْ إِمَامٍ لَا يُوجِبُ إِسْقَاطَ الْحُدُودِ، كَمَا لَمْ يُوجِبِ اسْتِبَاحَةَ أَسْبَابِهَا، وَكَذَلِكَ دَارُ الْحَرْبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا.
مسألة: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدُّ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ- أُحْصِنَا بِالزَّوَاجِ أَوْ لَمْ يُحْصَنَا- نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ، وَالْجَلْدُ خَمْسُونَ جَلْدَةً. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي نَفْيِهِ نِصْفَ سَنَةٍ. وَقَطَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ يُنْفَى نِصْفَ سَنَةٍ. قَالَ الْمُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قُلْتُ: أَنَا وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى، قِيَاسًا عَلَى نِصْفِ مَا يَجِبُ عَلَى الْحُرِّ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، حَدُّ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إِذَا زَنَيَا الْجَلْدُ، وَإِنْ تَزَوَّجَا دُونَ الرَّجْمِ. وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّ عَلَيْهِمُ الرَّجْمَ إِذَا تَزَوَّجَا: احْتِجَاجًا بِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ»، لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ إِرَاقَةَ الدَّمِ حَدٌّ اسْتَوَى فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ كَالْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ، وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ قَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ فِي اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْإِحْصَانِ. وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَحْرَارِ: لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النِّسَاءِ: 15]، وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالرِّدَّةِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَلِأَنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ إِلَى بَدَلٍ، فَاسْتَوَى فِيهِمَا الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَلَمْ يَتَنَصَّفْ فِي الْعَبْدِ: لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. وَلَمَّا كَانَ لِلرَّجْمِ فِي الزِّنَا بَدَلٌ يَتَنَصَّفُ وَهُوَ الْجَلْدُ، سَقَطَ الرَّجْمُ عَنْهُ إِلَى الْبَدَلِ الَّذِي يَتَنَصَّفُ وَهُوَ الْجَلْدُ.
فصل: فَإِذَا ثَبَتَ سُقُوطُ الرَّجْمِ عَنِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، فَحَدُّهُمَا الْجَلْدُ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ: فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: أَنَّهُمَا يُحَدَّانِ نِصْفَ حَدِّ الزِّنَا خَمْسِينَ جَلْدَةً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ تَزَوَّجَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْجَلْدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ دَاوُدُ: عَلَى الْعَبْدِ جَمِيعُ الْحَدِّ تَزَوَّجْ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ. وَأَمَّا الْأُمَّةُ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَعَلَيْهَا نِصْفُ الْحَدِّ، وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: عَلَيْهَا حَدٌّ كَامِلٌ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا حَدَّ عَلَيْهَا: لِأَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النِّسَاءِ: 25]، أَيْ تَزَوَّجْنَ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النِّسَاءِ: 25] وَأَمْسَكَ عَنْ ذِكْرِهِنَّ إِذَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكْمُلَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا حَدٌّ فَلِذَلِكَ مَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَدَلِيلُنَا عَلَى وُجُوبِ نِصْفِ الْحَدِّ عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ- قَوْلُ اللَّهِ- تَعَالَى-: فَإِذَا أُحْصِنَّ فِيهِ قِرَاءَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: بِالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُ تَزَوَّجْنَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِيَةُ: بِالْفَتْحِ، وَمَعْنَاهُ أَسْلَمْنَ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ يَعْنِي الزِّنَا فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ يَعْنِي نِصْفَ حَدِّ الْحُرَّةِ، فَذَكَرَ إِحْصَانَهُنَّ فِي تَنْصِيفِ الْحَدِّ لِيُنَبِّهَ بِأَنَّ تَنْصِيفَهُ فِي غَيْرِ الْإِحْصَانِ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ ثُبُوتِ الرِّقِّ إِحْصَانٌ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، فَقَالَ: إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثَمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثَمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا أَدْرِي أَبْعَدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلَدَ وَلَائِدَ أَبْكَارًا مِنْ وَلَائِدِ الْإِمَارَةِ فِي الزِّنَا، وَلِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا مَوْضُوعٌ عَلَى الْمُفَاضَلَةِ: لِأَنَّ الْحُرَّ مُفَضَّلٌ فِيهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَالثَّيِّبَ مُفَضَّلٌ فِيهِ عَلَى الْبِكْرِ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الْأَحْزَابِ: 30]، لِفَضْلِهِنَّ عَلَى مَنْ سِوَاهُنَّ، فَلَمْ يَجُزْ مِنْ نَقْصِ الْعَبْدِ أَنْ يُسَاوِيَ الْحُرَّ فِي حَدِّهِ، وَلَمْ يَجُزْ إِسْقَاطُ حَدِّهِ: لِئَلَّا تُضَاعَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَبَ تَنْصِيفُهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا. وَيُقَالُ لِدَاوُدَ لِمَا وَجَبَ عَلَى الْأَمَةِ نِصْفُ الْجَلْدِ وَلَمْ يَكُنْ لِتَنْصِيفِهِ سَبَبٌ سِوَى الرِّقِّ، وَجَبَ أَنْ يُتْنَصَفَ فِي الْعَبْدِ لِأَجْلِ الرِّقِّ وَهَذَا مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ حَدَّهَا عَلَى النِّصْفِ فَهُوَ خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي وُجُوبِ التَّغْرِيبِ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَغْرِيبَ فِيهِ: لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِتَغْرِيبِهَا: لِأَنَّ التَّغْرِيبَ مَوْضُوعٌ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ وَإِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ، وَلَا مَعَرَّةَ فِيهِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، وَلَا مَشَقَّةَ تَلْحَقُهَا فِي الْغُرْبَةِ: لِأَنَّهُمَا مَعَ الْعَبْدِ أَرْفَهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّغْرِيبَ للعبد والأمة عند الزنا وَاجِبٌ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النِّسَاءِ: 25]، فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ. وَرَوَى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَمَةً لَهُ زَنَتْ، فَجَلَدَهَا وَنَفَاهَا إِلَى فَدَكَ. وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ جُلِدَ فِي الزِّنَا غُرِّبَ كَالْحُرِّ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ يَتَبَعَّضُ فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَحَقَّ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ كَالْجَلْدِ، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ إِنْ تَوَلَّى الْإِمَامُ جَلْدَهَا غَرَّبَهَا، وَإِنْ تَوَلَّاهُ السَّيِّدُ لَمْ يُغَرِّبْهَا، وَفَرَّقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: نُفُوذُ أَمْرِ الْإِمَامِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ دُونَ السَّيِّدِ.
وَالثَّانِي: لِاتِّسَاعِ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفَقَةِ التَّغْرِيبِ دُونَ السَّيِّدِ. فَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ التَّغْرِيبِ، فَفِي قَدْرِهِ قَوْلَان:
أحدهما: أَنَّهُ تَغْرِيبُ عَامٍ كَالْحُرِّ، قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ: لِأَنَّ مَا قُدِّرَ بِالْحَوْلِ اسْتَوَى فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ كَالْحَوْلِ فِي أَجْلِ الْعُنَّةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَغْرِيبُ نِصْفِ عَامٍ، قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَاهُنَا: أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي نَفْيِهِ نِصْفَ سَنَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ: لِأَنَّهُ حَدٌّ يَتَبَعَّضُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ كَالْجَلْدِ، وَخَالَفَ أَجْلَ الْعُنَّةِ: لِأَنَّهُ مَضْرُوبٌ لِظُهُورِ عَيْبٍ يُعْلَمُ بِتَغْيِيرِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ، وَخَالَفَهُ فِي مُدَّةِ التَّغْرِيبِ.
مسألة: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَحُدُّ الرَّجُلُ أَمَتَهُ إِذَا زَنَتْ: لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَوَلَّاهُ، وَالْإِمَامُ أَحَقُّ بِإِقَامَتِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى السَّيِّدُ حَدَّ أَمَتِهِ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَئِمَّةُ أَحَقَّ بِإِقَامَتِهِ، قِيَاسًا عَلَى حَدِّ الْحُرِّ: وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى الْحُرِّ لَمْ يَمْلِكْ إِقَامَتَهُ عَلَى الْعَبْدِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِالْبَيِّنَةِ، لَمْ يَمْلِكْ إِقَامَتَهُ بِالْإِقْرَارِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إِقَامَتَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ إِقَامَتَهُ عَلَيْهِ فِي حَالِ رِقِّهِ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ. وَدَلِيلُنَا: رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَهَذَا نَصٌّ. فَإِنْ قِيلَ: يَعْنِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ. فَفِيهِ وَجْهَان:
أحدهما: إِنَّ إِطْلَاقَهُ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ الْخَبَرِ: لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَذِنَ لِغَيْرِ السَّيِّدِ جَازَ. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِوَلِيدَةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَتِي زَنَتْ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْلِدْهَا خَمْسِينَ، فَإِنْ عَادَتْ فَعُدْ، وَإِنْ عَادَتْ فَعُدْ، وَفِي الرَّابِعَةِ: فَإِنْ عَادَتْ فَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ، فَإِنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِعَقْدٍ مِنْ شَعْرٍ وَمَعْنَى لَا يُثَرِّبُ: أَنْ لَا يُعَيِّرَ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ نَهَاهُ عَنْ تَعْيِيرِهَا وَالتَّثْرِيبِ عَلْيَهَا وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ؟ فَعَنْهُ جَوَابَان:
أحدهما: أَنَّهُ نَهَاهُ عَنِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ دُونَ الْحَدِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ التَّعْيِيرَ وَالتَّثْرِيبَ تَعْزِيرٌ يَسْقُطُ مَعَ الْحَدِّ. فَإِنْ قِيلَ: يَحْمِلُ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْجَلْدِ عَلَى التَّعْزِيرِ دُونَ الْحَدِّ. فَعَنْهُ جَوَابَان:
أحدهما: أَنَّ إِطْلَاقَ الْحَدِّ يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ التَّعْزِيرِ.